HOME
  • Timeline in history
    • Timeline - Eritrea
    • TIMELINE - MANITOBA
  • Author Resources
    • Articles
    • Author Reflections
  • عربي
    • خواطر المؤلف
    • مقالات
    • محطات تاريخية إريترية

المقالات

الحاج صالح إندقوا، الشاعر الوطني المخضرم

5/2/2025

1 Comment

 
Picture

كان للشعر الإرتري دور مهم في مسيرة الكفاح الوطني، وكان الشعراء هم الصوت المعبر عن آمال الشعب وتطلعاته وطموحاته. وفي كل  اللغات الإريترية برز شعراء حملوا هم الوطن، وساهموا بشعرهم في مسيرة الوطن نحو الحرية والكرامة. ومن هؤلاء الشعراء شاعر باللسان السيهاوي، تغنى الناس بشعره، وتناقلوه فيما بينهم، ذلكم هو الشاعر الحاج صالح إندقوا. والحاج صالح جزء من سلسلة مباركة من شعراء الوطن من أمثال: ياسين باطوق، أحمد سيد هاشم، محمد كجراي، سكاب، ومدني، وغيرهم ممن كان لشعرهم دوي وأثر بعيد

لد الحاج صالح عام 1932م في الريف الإريتري من بيت عرف بقرض الشعر. تنقل بين المدن الإريترية، وسافر إلى بلدان مختلفة، وشاهد عن كثب التحولات التاريخية في إرتريا. استقر في سنواته الأخيرة في السعودية، حيث توفي فيها عام 1992م. أشعار الحاج صالح كثيرة، ومواضيعها متنوعة، وكان يقولها ارتجالا على البديهة، فيحفظها من سمعها منه، ثم يتناقلها الناس شفهيا فيما بينهم. وأشعاره كانت على نوعين: نوع جاء ردا لمفاتحة شعرية، ونوع تلقائي جاء بدون مفاتحة. وقد كانت من عادة القبائل السيهاوية أنهم إذا أرادوا أن يدفعوا الشاعر لقول الشعر أن يفاتحوه بأبيات شعرية، فيتحتم على الشاعر الرد بالمثل. أشعار الحاج صالح لها خصائص، منها: 
أ - كثرة المفردات العربية: يكثر الحاج صالح من استعمال المفردات العربية في شعره، وكان يدمج هذه المفردات دمجا سلسا، يزيد شعره جمالا وتألقا. 
ب - وفرة المصطلحات الإسلامية: تتخلل المصطلحات الإسلامية أشعار الحاج صالح (مثل الجهاد، والتوبة، والجنة، وغيرها)، ويحتوي شعره على أدعية يدعو فيها على الظلمة والمعتدين.
ت - بعد الامتداد الزمني لأشعاره: وُلِدَ الحاج في عصر الاستعمار الإيطالي، وعاصر فترة الانتداب البريطاني ومرحلة تقرير المصير، وشهد عصر الحكم الفيدرالي، وعصر الإمبراطور هيلا سلاسي، وزامن ميلاد جبهة التحرير والكفاح المسلح، وادرك دخول جيش التحرير إلى أسمرة وسقوط حكم منقستوا. وشعره يتناول كل هذه المراحل وما كان فيها من تحديات.
ث - غلبة الشعر الوطني: موضوعات شعر الحاج صالح متنوعة، ولكن غلب عليه الشعر الوطني السياسي بكافة مناحيه. وشعره الوطني يدل على روح وطنية أصيلة، ووعي مبكر بالتحديات المحيطة. وهذا المقال محاولة متواضعة لتعريف غير الناطقين باللغة السيهاوية بهذا الشاعر المميز. وفيما يلي مختارات من شعر الحاج صالح حاولت جاهدًا ترجمتها للعربية. ومن الصعب ترجمة الشعر، لأن كل لغة لها خصائصها ولمساتها الجمالية. ومما يزيد الأمر صعوبة أن الحاج صالح يلتزم بقافية واحدة في أبياته، والترجمة قد تنقل بعض معاني الشعر، ولكنها تخل بقافية البيت، ولا تنقل الجانب الجمالي وما يصحبه من جرس موسيقي. ونظرًا للنقل الشفهي لأشعار الحاج صالح، فإن بعض أشعاره قد أعترتها النقص وعدم الدقة في النقل.
 
أبيات نداء للإرتريين بأن يختاروا الحرية:
 اختلفت توجهات الإرتريين في فترة تقرير المصير، بين من يطالب بالاتحاد مع إثيوبيا، ومن يطالب بالاستقلال الفوري، ومن يطالب بالتقسيم، ومن يطالب بوصاية إيطالية يتبعها الاستقلال التام. فكانت هذه المقتطفات من أبيات الحاج صالح، وفيها يدعو الإرتريين إلى التمسك بخيار الحرية والاستقلال الناجز:
أيها الإرتريون، اطلبوا الحرية
فلا أحد يعيش دوماً تحت التبعية 
فليست أرقى منكم إثيوبيا 
وإياكم والمناداة بوصاية إيطاليا 
 
ب - أبيات في وصف الحالة المعيشية في إريتريا:
سافر الحاج صالح إلى الصومال، ومستقبل إريتريا مهدد بتلاعبات الإمبراطور وأعوانه. في الصومال، نزل ضيفاً على قريبه المقيم هناك، ففاتحه بأبيات شعرية يسأله عن حال البلاد، فأجاب الحاج صالح على الفور: 
لتكن معيشة عدوك معيشة وطننا 
لقد عجز التاجر عن ممارسة تجارته 
وعجز الفلاح عن فلاحة أرضه 
ولبست النساء الخرق البالية 
يشحذ المسلم من المسيحي 
ويشحذ المسيحي من المسلم 
يفعل فيك العسكري ما يحلو له 
ولا يُعرف إلى الآن من هو الحاكم
 
لعل الحاج صالح في بيته الأخير "ولا يُعرف إلى الآن من هو الحاكم"، يشير إلى ما كان عليه الحال من وجود صوري لرئيس تنفيذي منتخب، مع وجود ممثل الإمبراطور الذي كان من وراء الكواليس هو الحاكم الفعلي للبلد. 
ت – أبيات قيلت حين دخول هيلي سلاسي إلى مصوع  
أقام الحاج صالح وأسرته في مصوع فترة من الزمن، وشهد فيها نزول هيلي سلاسي إلى مصوع عائداً من زيارة خارجية، إثر قيام انقلاب عسكري ضده في أديس أبابا في عام 1960م، بقيادة الجنرال منجستوا نواي. وفي هذه الأبيات يصف الحاج صالح ما آلت إليه الأمور في عصر هيلي سلاسي: 
لقد تحقق ما حذرت منه الرابطة 
وصار سليل السوء ظالماً وطاغية 
والظلم عائد لصاحبه عارية 
لقد حل علينا عصره الموشح بالكآبة 
أصبحت الأسواق نهباً وسرقة 
وأصبح الريف جوعاً وفاقة
وأصبح أبناء البلد مهجرين في الغربة 
لو طلبت حقك تعرضت لعقوبة 
البعض صار مصيره الزنزانة 
والبعض صار مصيره المشنقة 
وصار نصيبي البكاء وقول الشعر 
شبابنا فقدوا الحماسة 
مشايخنا حُرموا الإجابة 
قساوستهم فقدوا الهمة 
السفهاء تصدروا كل واد وساحة 
والزعماء لبسوا خف الذل والمهانة 
حق علينا أن نعلن الجهاد وسيلة 
إما ننتصر وتكون النشوة 
وإما نموت فتكون لنا الجنة 
ويعود الوطن ليكون للجميع مأوى 
لقد صار نزوله عندي في هذه الليلة 
وقد أفلت من الانقلاب على عرشه 
 
ث – أبيات تدعو إلى الثورة ورفض الانضمام
بدأت إثيوبيا في اتخاذ خطوات للقضاء على الاستقلال الفيدرالي لإريتريا، مستعملة في ذلك عملاءها من أمثال "أسفها ولد ميكائيل"، رئيس الحكومة الإريترية؛ و"تدلا عقبيت"، رئيس الشرطة الإريترية؛ فكانت هذه الأبيات من الحاج صالح، وفيها يدعو للثورة والعصيان، ويدعو على "أسفها" بالحرمان من الذرية، وعلى "تدلا" بالقتل على يد صاحبه (إثيوبيا): 
إرتريا، يامهدي الذهبي 
أيعقل أن تلحقي بالكيان الإثيوبي؟! 
لا، لا تدعوا هذا الأمر يمضي 
ولو قاتل في ذلك الإبن أباه 
ليكن "أسفها" مقطوع الذرية 
وليكن حتف "تدلا" على يد صاحبه 
ولتقم الثورة في هذا البلد 
 
يذكر بعض المتابعين لشعر الحاج صالح أن دعوته على "أسفها" ودعوته على "تدلا" قد تحققت، وأن الأول مات دون عقب والأخر قُتل على يد الجيش الإثيوبي، وهو ما تذكره أغلب الروايات، والذي رجحه المؤرخ "ألم سقد" أنه مات منتحراً بعد أن حاصرته فرقة من الجيش الإثيوبي. وقامت الثورة بالبلاد، ولم تكن قائمة في ذلك الحين.
ج - أبيات في مدح الثورة الإرترية  
دعا الحاج صالح إلى قيام الثورة قبل ميلادها، وبعد ميلادها تغنى بها، وأكثر من إطرائها وتعداد مميزاتها، وهذه بعض من أبياته: 
ثورتنا ثورة لا نظير لها 
لم تخرج وهي تحمل قرشاً 
ولم تخلف وراءها شيئاً 
لم تجد دعماً من دول 
لم تفعل ثورة الجزائر فعلها 
ولا ثورة ليبيا كانت مثلها 
اقتحمت ساحة السوق في شجاعة 
وفرغت شحنات الرصاص في جند عدوها 
وفعلت كل ذلك بسلاح غنمته من خصمها 
ح - أبيات في رثاء مفتي إرتريا الشيخ إبراهيم المختار 
توفي مفتي إرتريا الشيخ إبراهيم المختار في شهر يونيو عام 1969م، فرثاه جمع من شعراء العربية، من أمثال الأستاذ عبدالقادر، والأستاذ بارحيم؛ وعلى غرارهم كانت هذه الأبيات التي قالها الحاج صالح في مجلس العزاء في منزل المفتي: 
مختار، بمن أشبهه وأصفه 
لقد كان والده عالماً مثله 
لم يكن معهداً ولا مفتياً قبله 
لم يطاطئ يوماً للملك رأسه 
ولم يبع شعبه من أجل منحة 
لم يطمع الشيطان في وسوسته 
ولم يحرف القرآن ليرضي الـ"تواهدوا" 
لم ترث "أللفيش" في زمنه 
لم يتسابق لحضور الولائم 
لم يتقاعس الحضارم عن وعظه 
وكان الباحبيشي ساعده ورفيقه 
والقاضي علي صديقه وصنوه 
أفل بريق العلماء في هذا المساء 
وعم الشباب الحزن والأسى 
وذرفت عيوننا دمعاً غزيراً 
لا نقول أي ليلة هي هذه الليلة 
فقد رحل النبي قبله 
لتكن الملائكة في صحبته 
وليكن أبناؤه ورثة مقامه 
ولتناقش مصر بديله 
 
والمقصود ب"التواهدوا" هنا نصارى الأرثوذكس، و"أللفيش" اسم امرأة ثار خلاف حول استحقاقها الميراث وبت في حكمها المفتي. ولعل الحاج صالح يقصد من ذكره "الحضارم" الإشارة إلى فصاحة وعظ المفتي بالعربية، وهم الناطقون بها. والباحبيشي كان من أثرى أثرياء إريتريا، وساعد المفتي في المشاريع الخيرية والتعليمية، والقاضي علي عثمان من كبار علماء إريتريا ورفيق درب المفتي. ولعلّه يقصد ب"مصر" في بيته الأخير الأزهر، ولعله قال هذا خشية من تدخل الحكومة الإثيوبية في تعيين المفتي.
 
خ – أبيات قيلت في رثاء شهداء دنكاليا 
فجعت الساحة الإريترية في عام 1978م، بمقتل ثلة من قدامى المناضلين، ومن ذوي السبق في العمل الميداني والعسكري. وقد قُتلوا جميعاً غدراً في صحراء دنكاليا على يد إريتريين من داخل جبهة التحرير الإريترية. وكانت الجبهة تمر بصراعات داخلية مريرة. وكما أشار القيادي السابق في جبهة التحرير "حوري تدلا بيروا" في مؤلفه، كان "حزب العمل" اليساري هو المتحكم سراً في قيادة جبهة التحرير آنذاك. وكان يرأس هذه الثلة الأستاذ سعيد حسين، خريج دار العلوم المصرية، وعضو المجلس الثوري للجبهة. وجاءت هذه الأبيات من الحاج صالح لرثائهم، مشنّعاً فيها على من كان وراء قتلهم، ومبينا فداحة فقدهم:
هؤلاء الذين خرجوا للثورة أشبالاً 
وجاؤوا بجنرالات العدو أرتالاً 
ولم يستأثروا لأنفسهم وقبيلهم مغنماً ومكسباً 
كانوا في عددهم عشرة وفي شجاعتهم ألفاً 
لم تبك عليهم دولتهم وحدها 
بل بكت عليهم عشر دول أخرى 
من يا ترى دبَّر هذه الجريمة 
أعلى كؤوس الخمر وُضعت الخطة 
قتلتموهم غدراً بعقاقير منومة 
لم يُقتلوا في معركة 
ولم يُقدموا لمحاكمة 
لقد أنجزتم ما عجزت إنجازه إثيوبيا 
ولذلك هللوا لصنيعكم علانية 
لقد جئتم بداء لا دواء له 
وحملتم دينا لا قضاء له 
ولطختم للتاريخ صفحاته 
والجبهة من بعدهم مصيرها البوار 
ولينل من فعل هذا جزاءه عاجلاً 
 
د – أبيات في أثر المال في حياة الناس  
هذه أبيات يحذر فيها الحاج صالح من الإنخداع ببريق المال، ولعله يستلهم فيها الحديث النبوي الشريف: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم.." ، يقول الحاج صالح: 
ليكن عدوك عبد الدولار 
ترى الذي يملكه يكدح ليستزيد منه
ومن لا يملكه يشقى في تحصيله
ترى العاقل يتلجلج عقله فيه
وترى العالم يزيغ علمه فيه
وبعد كل هذا تكون المقبرة النهاية
 
ذ – أبيات تحذير من مغبة الصراعات القبلية
الصراعات القبلية كانت داءً عانت منه المجتمعات الإرترية. وعلى غرار الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، الذي حذر قبيلتي عبس وذبيان من مغبة الاقتتال بينهما، حذر الحاج صالح قبيلة "مينفرى" وقبيلة "حزوا" السيهاويتين من عواقب خلاف نشأ بينهما حول قطعة أرض. ولعل الحاج يستلهم في تحذيره الآية القرآنية "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، يقول الحاج صالح:
ليكن ما كان لحزوا لمينفرى 
وليكن ما كان لمينفرى لحزوا 
وإياكم والتعاند فيما بينكم 
حتى لا تكونوا خدماً لغيركم 
وصلاح الأمر إنما يكون بالتسامح بينكم.
 
أشعار الحاج كثيرة، وما من حدث سياسي إرتري عاصره إلا وتكلم فيه. وله أشعار ساخرة من التنظيمات الإرترية وصراعاتها، وأشعار في انتصارات الجيش الشعبي الإرتري، وأشعار في الأنظمة السياسية. وقد غلب على الحاج صالح في أيامه الأخيرة شعر الوعظ والتحذير من البدع والموالد وزيارة القبور. ورغم كثرة أشعار الحاج، لا تزال مبعثرة، وقليل منها ما تم تدوينه. وقد تم إنشاد بعض أشعاره في أغاني وطنية، منها أغنية يمجد فيها المقاتل الحامل للسلاح، والسائر بالليل، وهذا مطلعها:
يا صاحب "السنادر" 
يا حامل "الأربجي" 
يا سائراً في الليل الداجي.
 
ورغم ضياع الكثير من شعر الحاج صالح، فإنه يظل شاعراً وطنياً أصيلاً، ساهم بشعره في إيقاظ الحس الوطني والقومي. والشعر عند القبائل السيهاوية سجية، ولذلك يكثر الشعر والشعراء بينهم، والحاج صالح يعتبر في مقدمة شعراء السيهاوية مع الشاعر محمد فركوبي – توفي تقريباً في عام 1901م – وغيرهم من الشعراء. رحم الله الحاج صالح وأسكنه فسيح جناته.

1 Comment
صلاح الدين رمضان افعرورا
5/9/2025 02:34:50 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة
أشكرك أستاذنا على هذه المقالة الرائعة عن جدي حجي صالح إندقوا
جزاك الله خير
معك/صلاح رمضان
ابن اخت الحاج صالح إندقوا

Reply



Leave a Reply.

  • Timeline in history
    • Timeline - Eritrea
    • TIMELINE - MANITOBA
  • Author Resources
    • Articles
    • Author Reflections
  • عربي
    • خواطر المؤلف
    • مقالات
    • محطات تاريخية إريترية