HOME
  • Timeline in history
    • Timeline - Eritrea
    • TIMELINE - MANITOBA
  • Author Resources
    • Articles
    • Author Reflections
  • عربي
    • خواطر المؤلف
    • مقالات
    • محطات تاريخية إريترية

المقالات

التباين الفكري حول اللغة العربية في إرتريا

5/7/2025

0 Comments

 
Picture
بقلم: إسماعيل إبراهيم المختار  
تذكر الأخبار المتداولة شفهياً حواراً دار داخل أول برلمان إرتري منتخب في الخمسينيات من القرن الماضي. كان ذلك خلال نقاش حاد حول اللغات الرسمية لإرتريا، حين وقف عضو برلماني من كتلة الاستقلال متحدثاً لصالح تبني اللغة العربية كلغة رسمية ثانية لإرتريا. وبينما كان يتحدث باللغة التجرينية معبراً عن موقفه، قاطعه برلماني آخر من حزب الانضمام، وسأله بنبرة ساخرة: لماذا تتحدث بالتجرينية؟ تحدث بالعربية! أليست العربية لغتكم كما تدعي!؟ هذا التبادل البرلماني، على بساطته، يعبر عن التباينات الموجودة في الواقع الإرتري حول وضع ومكانة اللغة العربية في إرتريا.

لقد بدأ هذا التباين مبكراً مع بدايات الحوار الوطني حول المصير الإرتري، وهو تباين لا يزال مستمراً في المحافل الإريترية المختلفة. على مدار العقود الماضية، تراوحت مواقف السياسيين والمثقفين من أبناء إرتريا ما بين معارض ومؤيد. فالبعض يعتبر اللغة العربية لغة الأقلية -قبيلة الرشايدة-، ولغة الشعائر الإسلامية فقط. بينما يعتبر آخرون اللغة العربية في إرتريا هي اللغة الأساسية التي تتجاوز كل اللغات المحلية. 
إطلالة تاريخية
يرتبط التاريخ، والعرف، والظرف الاجتماعي الإريتري، بتاريخ وثقافة الجزيرة العربية ارتباطاً وثيقاً. كانت إرتريا عبر التاريخ نقطة تلاقح بين ثقافة ضفتي البحر الأحمر؛ الثقافة السامية-العربية والثقافة الأفريقية. فمملكة أكسوم وحضارتها، ولغة الجعز وما تفرع منها من التجرينية والتيجري، لهما أصول وروابط يمنية-عربية عميقة. وعبر القرون، من خلال الهجرات المتتالية، والعلاقات التجارية، وحركات الغزو، تعرضت إرتريا لموجات من التأثيرات العربية المستمرة. ولذلك، كانت اللغة العربية جزءاً من تشكيل اللغات المتداولة في إرتريا منذ وقت مبكر في التاريخ. ولعله من الصعب تحديد أبعاد وعمق تأثير اللغة العربية في إرتريا قبل الإسلام، لكن احتمال كون اللغة العربية جزءاً من مزيج اللغات الإريترية في ذلك الوقت أمر لا يمكن إنكاره. وبحسب بعض التقارير التاريخية، فإن ملك الحبشة الذي هاجر إليه صحابة النبي (ص)، كان يتقن اللغة العربية حيث قضى جزءاً من شبابه في الجزيرة العربية. ومع حلول فجر الإسلام في إرتريا، انتشرت اللغة العربية، واتسع نطاق تداولها والتحدث بها. 
استخدمت القوى الاستعمارية العربية والتجرينية في اتصالاتها مع الجمهور الإرتري، وتمشياً مع سياسة فرق تسد، عاملت اللغة العربية كلغة خاصة بالمسلمين، والتجرينية كلغة للمسيحيين. في حقبة تقرير المصير الإرتري، تبنت الكتلتان السياسيتان -كتلة الانضمام وكتلة الاستقلال- مواقف متعارضة. دعت كتلة الاستقلال بقيادة حزب الرابطة الإسلامية إلى الاعتراف باللغتين العربية والتجرينية كلغات رسمية؛ بينما عارضت الكتلة الانضمامية الاعتراف بالعربية ودعت إلى اعتماد التجرينية فقط أو التجرينية والأمهرية. أثناء صياغة الدستور الإريتري، بعد إنشاء البرلمان الإريتري، كانت مادة اللغة الرسمية هي الأكثر إثارة للجدل والخلاف. وبعد نقاشات محتدمة، وردود متبادلة، ومفاوضات جانبية، صوت البرلمان لصالح المادة 39 والتي تنص على ما يلي: 
1. تكون اللغتان التجرينية والعربية اللغتين الرسميتين في إرتريا. 
2. حسب العرف المتبع في إرتريا، سيسمح باستعمال اللغات المكتوبة والمنطوقة لدى مختلف عناصر الشعب عند الاتصال بالسلطات العامة، كما يسمح باستعمالها للأغراض التعليمية والدينية ولجميع أوجه التعبير عن الرأي.
 
في حقبة الكفاح المسلح تمسكت حركة التحرير الأرترية وكذلك جبهة التحرير الإرترية بالموقف الذي تبنته الكتلة الإستقلالية، وما قررته مادة 39 من الدستور الأرتري حول اللغات الرسمية في أرتريا، وأكدت جبهة التحرير هذا الموقف في مؤتمرها المنعقد عام 1971. ورغم هذا فقد برزت من داخل جبهة التحرير أقلية لها رؤية مغايرة لمسألة اللغات الرسمية. أصدرت هذه المجموعة وثيقة "نحن وأهدافنا" (1971)، وفيها تشكيك في مدى تعبير مادة اللغات الرسمية في الدستور الأرتري عن رغبات الشعب الأرتري. تقول الوثيقة:
”أصبحت اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية في أرتريا فقط من خلال  "القرار الفيدرالي" لعام 1952 الذي لم يشارك فيه الشعب الأرتري.
 في وقت لاحق، تبنت الجبهة الشعبية لتحرير أرتريا ما أطلق عليه "سياسة المساواة في اللغة"، والذي كان يشكل تحولا عمليًا عن سياسة ثنائية اللغة الرسمية المستقرة منذ الخمسينيات. بعد استقلال أرتريا وأثناء صياغة دستور عام 1997، برز للسطح نقاش اللغة الرسمية في أرتريا. تجنب واضعوا المسودة ذكر أي شيء يتعلق باللغات الرسمية، واكتفوا بالمادة 4 (3) والتي تنص: "المساواة بين جميع اللغات الأرترية مضمونة".
النقاش البرلماني بين المؤيدين والمعارضين
ناقش البرلمانيون قضية اللغة الرسمية بحماس بالغ، وقدم الطرفان حججهما بقوة وعزم. ولا تزال هذه الحجج هي الأصل في كثير من النقاشات التي تدور اليوم. وفيما يلي نبذة مختصرة عن حجج المعارضين والمؤيديين:
المعارضون
– لا يوجد في أرتريا أحد لا يفهم التجرينية، وعليه يجب أن تكون هي اللغة الرسمية الوحيدة.
– اللغة العربية لغة دينية، وأجنبية، ولا يمكن أن تكون لغة رسمية.
– بما أننا سنرتبط فيدراليا مع إثيوبيا، فلتكن اللغة الأمهرية هي اللغة الرسمية الثانية مع التيجرينية.
– إذا كانت هناك حاجة للغة رسمية ثانية، فلتكن لغة التيجري اللغة الثانية.
– لتكن التجرينية فقط اللغة الرسمية، ولنستخدم اللغة العربية بصورة مرحلية، حتى يتعلمها من يجهلها.
– معظم الدول لديها لغة رسمية واحدة، وعلم واحد … دعونا نتبنى التجرينية فقط.
المؤيدون:
– اللغة العربية لها تاريخ طويل، وهي لغة العديد من الدول.
– اللغة التيجرينية محدودة وهي لغة سكان الهضبة (كبسا) فقط.
– اللغة العربية ليست أكثر أجنبية من التيجرينية، كلتاهما- العربية والتجرينية- نشأتا في اليمن.
– اللغة العربية في أرتريا ليست مجرد لغة دينية، بل هي أيضًا لغة الثقافة والتعليم.
 
ملاحظات
 – من الملفت للنظر أن مقترح إعتماد لغة التيجري، لم يتقدم به البرلمانييون الناطقون بالتيجري، ولكن تقدم به البرلماني الإنضمامي -ممثل منطقة سراي- القس ديمطروس، نائب رئيس البرلمان الأرتري. وقد عارض الناطقون بالتيجري هذا المقترح من أساسه، وكانوا من أبرز المؤيدين لاعتماد اللغة العربية.
– عبر البرلماني الإتحادي المسيحي، "أمباي هبتى" – منطقة كرن – عن دعمه لاعتماد العربية والتجرينية، ودعى إلى نبذ الفرقة.
– الأقلية البرلمانية المسلمة في داخل حزب الإنضمام أصدرت بيانا مخالفا لموقف الحزب، مؤيدة إعتماد اللغة العربية كلغة رسمية ثانية.
– عارض البرلمانيون المؤيدون للعربية -في أغلبهم- إدراج البند 39 (2)، حيث كانوا يشكون من مقصدها، ويرونها غير ضرورية، وقد تكون مدخلا لتقويض البند 39(1).
– طالب البعض -كرد فعل- إعتماد اللغة العربية فقط كلغة رسمية إذا كانت ثنائية اللغة غير مقبولة.

​تحليل مسائل الخلاف 

هل اللغة العربية "لغة أم" في إرتريا؟ 
الجواب -بداهة- النفي، مع استثناء الرشايدة. لكن النظر الأعمق يبين بوضوح أن اللغة العربية، وإن لم تكن "لغة الأم"، فهي "لغة البيت"، وذلك من خلال تداولها الواسع في البيوت الإرترية. والنظرة الاستقرائية العابرة تكشف أن العديد من العائلات الإرترية المسلمة تستخدم، بجانب اللغة الأم، اللغة العربية. علاوة على ذلك، فإن الأسر التي ترتبط برباط المصاهرة وتختلف لغاتها، تستخدم اللغة العربية كوسيلة مشتركة للتواصل والتفاهم بينها. ويُلاحظ هذا بصورة أوسع في الأسر المصوعية والمنخفضات الإرترية. بالإضافة إلى ذلك، فإن مصطلحات اللغة العربية منتشرة، ليس فقط في اللغات السامية الإرترية، ولكن أيضًا في اللغات الحامية، مثل لغة "الساهو". والتجرينية التي يتحدث بها الجبرتة في إرتريا، على سبيل المثال، تزخر بالمصطلحات العربية. ونظرة سريعة في الشعر السيهاوي، وخاصة شعر الشاعر المخضرم، الحاج صالح إندقو، نجد فيها كثرة المفردات العربية. ولقد أصبح انتشار اللغة العربية في داخل أكبر الجاليات الإرترية في الخارج، في السودان والسعودية، أمرًا واقعًا، حيث أصبحت اللغة العربية لغة البيت والأسرة. 
هل العربية لغة دينية في إرتريا؟ 
نعم وأكثر. اللغة العربية هي لغة القرآن ولغة الشعائر الإسلامية. ومؤيدو اللغة العربية يرفضون دعوى اقتصارها على الشعائر الدينية، ويعارضون مشابهة اللغة العربية بلغة الجئز، التي يستخدمها رجال الدين الأرثوذكس في طقوسهم الدينية. في عام 1950م، بناءً على طلب من إنزو ماتينزو، مبعوث الأمم المتحدة إلى إرتريا، كتب سماحة مفتي إرتريا رسالة مفصلة يوضح فيها مدى انتشار اللغة العربية ووجوه استخدامها من قبل مسلمي إرتريا في ذلك الوقت. وفيما يلي مقتطفات من تلك الرسالة: 
أ- يستعملونها ثقافيًا في مختلف مدارسهم سواء كان تدريسًا دينيًا أو علميًا، وجميع صحفهم تصدر باللغة العربية. وتاريخ بدء الصحافة في إرتريا يعود إلى أربعة وعشرين عامًا تقريبًا، ومن ذلك الحين إلى هذا اليوم ما زالت تصدر الصحف بالعربية كغيرها، حتى بلغ عدد الصحف التي صدرت بالعربية من بدئها إلى اليوم أربعة عشر صحيفة ما بين يومية وأسبوعية وشهرية، منها خمسة حكومية والباقي صحف حزبية وفردية. وحكومات إرتريا في العهد التركي والمصري كانت تكتب وتنشر ما يخص الأهالي باللغة العربية فقط، حيث لم تكن هناك لغة كتابة غيرها في إرتريا في ذلك العهد، ثم بعد ذلك ما زالت الحكومات التالية لها تكتب وتنشر بالعربية جميع ما يخص المسلمين، سواء كانت الحكومة الإيطالية أو الحكومة الأثيوبية أو الحكومة البريطانية، كما أطلعتكم على نماذج من ذلك، وكما ترون في سير الإدارة المحلية وصنيع معاليكم في نشراتكم أيضًا. 
ب- المسلمون يستعملونها دينياً وأخلاقياً، حيث يوجد في إرتريا حوالي خمسمائة مسجد وأربعة آلاف خلوة قرآنية، وجميع أذكارهم وتلاوتهم للقرآن وأذانهم تُلقى أربعين خطبة بالعربية أسبوعيًا في كل يوم جمعة، وهي كلها تُلقى في تقويم يضم الخطباء في الصلوات، بحيث تقام كلها بالعربية. ويوجد بينها أربعون جامعًا يتناول الأخلاق العامة وتحذيرها من الأعمال المخالفة للدين والقانون والنظام والآداب. 
ج- يستعملونها عائليًا، إذ إن جميع الوصايا وأنسابهم وتواريخ أجدادهم ومراسلاتهم كلها باللغة العربية. 
د- يستعملونها تجاريًا وفي المعاملات، إذ إن جميع عقودات المسلمين من شركات ورهونات وديونات وحسابات تجارية كلها تُكتب بالعربية. 
هـ- يستعملونها قضائيًا، إذ إن جميع المحاكم الإسلامية تكتب وارداتها ومحاضر قضاياها وسجلاتها وأحكامها ومراسلاتها وغير ذلك باللغة العربية. وتوجد في المحاكم المذكورة اليوم سجلات مضى عليها قرابة قرن في القضايا وغيرها، ويوجد منها في محكمة مصوع وحدها أكثر من ستين مجلدًا، وكلها قبل العصر الإيطالي، الذي كانت فيه {محكمة مصوع} مرجع الحقوق القضائية في تلك المدينة قبل العصر الإيطالي وإلى هذا اليوم. 
و- يستعملونها اجتماعيًا، إذ إن جميع المنظمات الإسلامية، سواء كانت ثقافية أو رياضية أو سياسية أو قومية، إنما تكتب دساتيرها ولوائحها ودفاترها ووثائقها .وتلقي محاضراتها كلها باللغة العربية، كما يشهد لكم بجميع ذلك الواقع المحسوس وكتب التواريخ. 
هل تشكل اللغة العربية خطرًا على المسيحية؟ 
يعرض الكاتب "هبتي ماريام سمرى" في كتابه عن تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية في الحبشة، تخوف المسيحيين من العربية ويقول: "المسيحيون الأحباش، سواء في أرتريا أو إثيوبيا، ليس لديهم أي مشكلة مع الإسلام، لكنهم لا يرضون باستيراد وترويج لغة وثقافة من شأنها أن تُعفو أثر تراثهم الأثير لديهم، بأموال مدعومة. اللغة العربية في نظر معظم المسيحيين الأحباش خطر وتهديد رئيس". صفحة 266. 
التخوف الذي نقله "هبتي ماريام" مفهوم وغير مستغرب. التاريخ يبين أن انتشار اللغة العربية كان مرتبطًا بانتشار الإسلام. واللغة العربية كانت وعاء الإسلام الذي ساعد في انتشار الإسلام في بعض المراحل الزمنية. ولكن النظر الأبعد يوضح عدم تلازم هذا التخوف. نظرة سريعة إلى الأدب العربي في الحاضر والماضي تبين أن بعض أبرز الشعراء والكتاب والرواد في اللغة العربية كانوا من المسيحيين. من أبرز شعراء العصر الأموي، كان الأخطل - نظير جرير والفرزدق - وكان مسيحيًا من قبيلة تغلب. وفي الأدب العربي المعاصر، تبرز أسماء الأدباء من المسيحيين العرب، أمثال جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، سلامة موسى، بطرس البستاني، وغيرهم. وقد كان ميشيل عفلق، وهو مسيحي عربي، من أبرز منظري القومية العربية ومن مؤسسي حزب البعث العربي. ولا تزال بعض أقدم الكنائس والمجموعات المسيحية في العالم اليوم تستعمل اللغة العربية من قبل ظهور الإسلام في الجزيرة العربية، ويقدر عدد المسيحيين العرب اليوم 15 مليون. وبناءا عليه، فإن ربط اللغة العربية بالإسلام فقط ربط غير دقيق، واعتبار اللغة العربية تهديدًا للمسيحية أيضا غير صحيح.
 هل مقترح اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية مقترح إريتري أصيل؟
يؤكد بعض المعارضين للغة العربية أن فكرة اعتمادها ليست إريترية، بل زرعتها أيدٍ أجنبية وعميلة. لا شك أن هذا الزعم بعيد عن الواقع تمامًا، وإن كان فيه بعض الجوانب الصحيحة. الشواهد التاريخية تؤكد انقسام الشعب الإريتري حول اللغة العربية، غالبًا على خطوط طائفية. مسلمو إريتريا، على الرغم من خلافاتهم وانقساماتهم السياسية، أجمعوا على مطلب اعتماد اللغة العربية، بما في ذلك من انتسب إلى الحزب الاتحادي من المسلمين. حدث هذا الإجماع داخل الكيان الإريتري قبل ظهور أي تأثيرات خارجية، سواء كانت من تأثير الأموال النفطية أو دعايات القومية العربية. بالتأكيد، هناك عنصر من عناصر التأثير الخارجي يمكن أن يُنسب إلى قوى خارجية. ففي أثناء فترة الكفاح المسلح، حاول حزب البعث القومي العربي – بشقيه السوري والعراقي – بث فكرة القومية العربية في إريتريا من خلال بعض الفصائل الإريترية التي قام برعايتها. وهذا، بالتأكيد، أمر مرفوض. ودعوة الإريتريين عمومًا لاعتماد اللغة العربية لم تكن احتضانًا للقومية العربية. الفكر العربي القومي دخيل على الساحة الإريترية، ومن الخطأ الخلط بينه وبين المطالب المشروعة التي عبر عنها بوضوح قطاع كبير من الإريتريين باعتماد اللغة العربية.
هل اللغة العربية هي أصل الخلاف؟
الاختلاف حول اللغات الرسمية وما شابهها من القضايا الوطنية ليس مقصورًا على إريتريا. المشكلة الأساسية التي هي أصل الخلاف ليست في مكانة العربية، وما إذا كانت لغة رسمية أو غير رسمية. المشكلة الحقيقية تكمن في "العقلية" التي يُتعامل بها في معالجة القضايا الخلافية. إن وجود عقلية هادئة وموضوعية تبحث عن الصالح العام أمر بالغ الأهمية لإجراء حوار بناء ومثمر. وهذه العقلية من ملامحها أنها: تحلق في آفاق "نحن"، وليس آفاق "أنا"؛ تسعى لتحقيق الفوز المشترك، دون الفوز على حساب الطرف الآخر؛ تبحث عن القواسم المشتركة، لا القواسم المتضادة؛ وتسعى للفهم، قبل طلبها لأن تُفهم. الخلاف حول اللغة العربية عرض لمشكلة أكبر، تحول دون تحقيق الحلول الناجعة للقضايا العالقة.
إن العقلية المندفعة، المتوجسة، المرتكزة على التفكير التآمري، المصبوغة بالروح الحزبية، والقائمة على النظرات الجزئية، لا تزيد الساحة الإرترية إلا مزيدًا من البلبلة، وتوسيعًا للشرخ الوطني. ولقد آن الأوان لتحقيق تغيير نوعي في العقلية التي تعالج بها المسائل، والكيفيات التي تُدار بها الحوارات.
الخاتمة 
بغض النظر عن ماهية اللغة الرسمية في إريتريا، فإن معرفة اللغة العربية والتجرينية أمر بالغ الأهمية لكل من يسعى إلى فهم نبض وعقل الإريتري بشكل كامل. الإنتاج الفكري والأدبي في إريتريا هو في غالبه باللغتين العربية والتجرينية. هناك "فجوة فكرية" بين المثقفين الإريتريين في حوارات الشبكة الاجتماعية، كما أشرت في مقال سابق، ويمكن سد هذه الفجوة فقط من خلال نظرة متكاملة للواقع الإريتري، بعيدًا عن النظرات المجزأة والحزبية. 
الواقع الإريتري اليوم مغاير لواقع الخمسينيات من القرن الماضي. لم تعد التجرينية لغة الهضبة فقط؛ لقد خطت خطوات كبيرة لتكون لغة متكاملة. كما أن اللغة العربية قد انتشرت انتشارًا أوسع بين عامة الناس، وبين عدد متزايد من الشرائح المتعلمة والمثقفة. في عالم اليوم، فقدت الحدود اللغوية والطائفية والأيديولوجية معانيها، وأصبح العالم كقرية واحدة. إن الازدهار في هذا العالم الجديد لا يأتي إلا من خلال الانفتاح، والتواصل، والترحيب بكل جديد نافع، وقبول كل توجه صالح، كل ذلك في إطار نفسية واثقة وعقل مستقل. ولا يصح في عالم هذا شأنه أن يشيح بوجهه أي إريتري واعٍ عن فرص تعلم وإتقان التجرينية والعربية. ومن تحاشى ذلك فقد يكون ممن ضيقوا آفاقهم وحددوا مداركهم.
المراجع:
  • Redie Bereketeab, The Politics of Language In Eritrea: Equality Of Languages Vs. Bilingual Official Language Policy, The Nordic Africa Institute Uppsala, Sweden.
  • Richard A. Rosen (1999), Constitutional Process, Constitutionalism, and the Eritrean Experience.
  • Habtemariam T. Semere (2017), Reflections on the History of the Abyssinian Orthodox Tewahdo Church, Africa World Press, Inc.
  • Negash Ghirmai (2010), A History of Tigrinya Literature, Africa World Press, Inc.
  • አለምሰገድ ተስፋይ (2005), ፈደረሽን ኤርትራ ምስ ኢትዪጲያ
محمد سعيد ناوود، العروبة والإسلام بالقرن الأفريقي
أبوبكر جيلاني، جذور الصراع حول لغات التعليم في أرتريا

0 Comments



Leave a Reply.

  • Timeline in history
    • Timeline - Eritrea
    • TIMELINE - MANITOBA
  • Author Resources
    • Articles
    • Author Reflections
  • عربي
    • خواطر المؤلف
    • مقالات
    • محطات تاريخية إريترية