HOME
  • Timeline in history
    • Timeline - Eritrea
    • TIMELINE - MANITOBA
  • Author Resources
    • Articles
    • Author Reflections
  • عربي
    • خواطر المؤلف
    • مقالات
    • محطات تاريخية إريترية

المقالات

إريتريا وإرثها الديمقراطي الباهر

5/6/2025

0 Comments

 
Picture
إسماعيل إبراهيم المختار
خلال مداولات الأمم المتحدة بشأن مستقبل إريتريا في فترة الخمسينيات، تكررت دعوى واحدة – ضمن دعاوى أخرى – كمبرر أساسي لضم إريتريا إلى إثيوبيا. وكانت هذه الدعوى ذات طابع اقتصادي، وتزعم أن إريتريا بلدة فقيرة، محدودة الموارد، لا تستطيع الاعتماد على نفسها كدولة مستقلة. وقد دحض هذا الادعاء بسخرية ممثل باكستان في الأمم المتحدة قائلاً: "إذا كانت إريتريا بلدة فقيرة
كما تزعمون، فلماذا تريدون أن تجعلوها عبئاً على بلد فقير آخر – إثيوبيا؟"
​في هذه الأيام، تتردد دعوى مماثلة فيما يتعلق بالديمقراطية في إريتريا. وهذه الدعوى تزعم أن إريتريا لا تمتلك تجربة ديمقراطية، وليست لها تقاليد ديمقراطية، وبالتالي فهي غير مهيأة لقيام نظام ديمقراطي فيها. 



 ولكن الدراسة الدقيقة للتاريخ الإريتري وتقاليده تكشف بطلان هذه الدعوى. فعلى الرغم من انعدام تجربة إريترية ديمقراطية ممتدة الأمد، إلا أن إريتريا تمتلك تجربة ديمقراطية باهرة، وإدت في وقت مبكر نتيجة تدخلات خارجية مفتعلة. والأعراف والتقاليد القبلية في إريتريا – بطبيعتها – تعددية المنحى، وبعيدة عن الطبقيات المجحفة، وهي أقرب إلى القيم الديمقراطية والشورية، وأبعد من القيم الاستبدادية والإقطاعية. والديمقراطية تُعرف عادة بأنها "حكم الشعب من قبل الشعب". وهذا التعريف البسيط يحمل في طياته عدة قيم أساسية منها: الحرية، والمساواة، والعدالة، وسيادة القانون. وهناك أربع مؤسسات هامة تقوم بدور أساسي في إنشاء نظام ديمقراطي، وضمان استمراريته. وهذه المؤسسات هي: السلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، والصحافة الحرة التي تعمل ضمن مجتمع مدني فعال. ولا بد من استقلالية هذه المؤسسات عن بعضها البعض لضمان وجود الضوابط والتوازنات. وفيما يلي إطلالة سريعة على حقبة تاريخية تميط اللثام عن بعض الشواهد المنسية.
  1. تشكيل الحكومة الإرترية الأولى: عقب صدور قرار مجلس الأمن 390 (أ-5) في ديسمبر 1950، وبعد مداولات طويلة، تم تشكيل أول حكومة إريترية في عام 1952. وأشرف على تشكيل الحكومة الإريترية مبعوث الأمم المتحدة السيد إنزو ماتنزو. وقد تحقق هذا بعد جهود مضنية ومحاولات مستمرة لتقويض قرار الأمم المتحدة الفيدرالي وتفريغه من مضمونه. وكانت هناك ضغوط مستمرة لا هوادة فيها من الإمبراطور وعملائه على مبعوث الأمم المتحدة لقبول مطالبهم والإنصياع لتوجيهاتهم. ولقد رفض ماتنزو الخضوع لضغوطهم، ولكنه قبل بعض مطالبهم التي كان لها أثر سلبي بعيد المدى على الحكومة الوليدة في إريتريا. ومن هذه المطالب التي وافق عليها مبعوث الأمم المتحدة، تعيين ممثل للإمبراطور في إريتريا. وقد سبق تشكيل الحكومة الإرترية إنشاء أول جمعية تمثيلية إريترية.
  2. الجمعية التمثيلية (البرلمان): على الرغم من العديد من التحديات والسلبيات، فقد أجريت الانتخابات البرلمانية بشكل جيد نسبياً في أنحاء إريتريا للمرة الأولى في التاريخ الإريتري. أنتجت هذه الانتخابات برلماناً يتألف من 68 عضواً يمثلون جميع الأطياف السياسية في أرتريا؛ 32 من الحزب الاتحادي، و18 من الكتلة الديمقراطية، و15 من الرابطة الإسلامية لغرب أرتريا (حزب التقسيم)، و3 من الأحزاب الأخرى. وكما أشار المؤرخ "ألم سجد تسفاي"، فإنه لم يكن لدى جميع الأعضاء المنتخبين في الجمعية فهم واضح للدور المناط بهم؛ فقد كان بينهم أعضاء أميون، وأعضاء يتلقون توجيهاتهم من ممثل الإمبراطور وعملائه. ولكن بالرغم من كل هذه الشوائب، كان هناك برلمانيون آخرون عرفوا بالقوة والجرأة، جعلوا من البرلمان صوتاً قوياً يعبر عن تطلعات الشعب الإريتري. وفي مقدمة هؤلاء يأتي محمد عمر أكيتو، والقاضي علي عمر، وأبو داود، وقاضي موسى عمران وغيرهم. ولقد وضع هؤلاء السلطة التنفيذية تحت المجهر، وقاوموا بقوة التدخلات المستمرة من قبل ممثل الإمبراطور، والانتهاكات المستمرة لقرار الأمم المتحدة. ومنذ بداية افتتاح البرلمان، حيث وقف القاضي علي محتجاً على خطاب ممثل الإمبراطور، إلى سقوط السلطة التنفيذية تحت قيادة تدلا بايرو، فإنهم لم يتوانوا عن الدفاع عن الدستور، ورفع مطالب الشعب إلى البرلمان، ومراقبة القرارات المتخذة من قبل الحكومة. وقد وقفوا بقوة في وجه السلطة التنفيذية حين حاولت الحد من حرية التعبير، وإغلاق الصحف المستقلة. وحين استمرت الحكومة في تجاهل مطالبهم، رفعوا ضدها الدعوى أمام المحكمة الكبرى؛ وعندما استمرت انتهاكات قرار الأمم المتحدة، حاولوا رفع القضية إلى الأمم المتحدة. وكان نقاشهم وفق محتويات الدستور والقانون، وعلى قدر من الشجاعة والمثابرة؛ وأحياناً كانوا يتخذون مواقف مشتركة تتجاوز الفواصل الحزبية. كانت التحديات التي تواجه هذا البرلمان الأول كثيرة، وعملاء الإمبراطور كانت لديهم إمكانيات كبيرة، وكانوا عازمين على إخماد هذا البرلمان الحر. وعلى الرغم من كل هذا، فقد أثبت هذا البرلمان فعاليته وحيويته. ورغم أن الإمبراطور وعملاءه حققوا مرادهم في نهاية المطاف، وأخمدوا أنفاس هذا البرلمان الحر، إلا أن هذا البرلمان قد ترك أثراً تاريخياً باهراً، يبرز للعالم مدى شجاعة وبسالة ممثلي الشعب الإريتري في أول برلمان أريتري عرفه التاريخ.
  3. القضاء الإرتري: أنشئت الهيئة القضائية الإريترية مكونة من مزيج من القضاة الإريتريين والبريطانيين. وتولى رئاسة المحكمة العليا القاضي جيمس شيرر، البريطاني الجنسية. وكما أشار سماحة الشيخ إبراهيم المختار، الذي كان عضواً في المحكمة العليا، فإن السلطة القضائية في هذه المرحلة كانت تعمل بشكل مستقل، دون تدخل خارجي. ولقد تمكنت المحاكم من التصرف بشكل مستقل، حيث قامت بإلغاء عدد من القرارات التي اتخذتها الحكومة على أساس مخالفتها للدستور، وهناك حالتان جديرتان بالذكر. الأولى تتعلق بصحيفتين بارزتين هما: صوت إريتريا بالعربية و"دهاي إرترا" بالتغرينية. كانت هاتان الصحيفتان تنشران مقالات تحتوي على نقد حر للحكومة، وفضح للانتهاكات المستمرة لقرار الأمم المتحدة، وكشف لتصرفات الحكومة الإريترية التي تتماشى مع رغبات الإمبراطور وتتناقض مع الدستور. وقد أثارت الصحيفتان حفيظة الإمبراطور والحكومة الإريترية، فقررتا إغلاقهما، وتوجيه التهم الجنائية ضد محرريها. لكن المحررين رفعوا قضيتهم إلى المحكمة، فألغت المحكمة قرار الحكومة، وأعادت الصحف إلى النشر، وأبطلت جميع التهم الموجهة إلى محرريها.
والثانية تتعلق بالنائب البرلماني البارز محمد عمر أكيتو. كان أكيتو برلمانياً مميزاً، قوي الصوت، شجاع الموقف داخل البرلمان. وعلى الرغم من جميع محاولات حكومة "أسفها ولد ميكائيل" لإسقاطه في الانتخابات البرلمانية الثانية، فقد فاز بمقعده للمرة الثانية. ورغم ذلك، فقد ألغت حكومة "أسفها" – بدعم من عملائها في البرلمان – فوزه البرلماني بحجج واهية. وعلى الفور قام أكيتو برفع قضيته إلى المحكمة العليا في إريتريا، فرفضت المحكمة قرار الحكومة، وأعادته ممثلاً شرعياً لمنطقته، دانكاليا. وكانت هناك العديد من الحالات المماثلة التي قضت فيها السلطة القضائية ببطلان قرارات الحكومة. ونتيجة لهذه المواقف المستقلة، أصبحت المحاكم هدفاً آخر للإمبراطور وعملائه. ومن خلال عملية مستمرة من المناورات، تم تخريب المحاكم من داخلها، والتخلص من قضاتها الأكفاء، بمن فيهم السيد جيمس شيرر، وتم إحلال قضاة من عملائها بدلاً منهم. ولا تزال هذه التجربة القضائية، رغم إجهاضها المبكر، معلماً دستورياً خالداً لإريتريا، وإرثا قانونيا تفتخر بها المؤسسة القضائية.
  1. السلطة التنفيذية: من المهام الأولى للبرلمان الإريتري المنتخب كانت انتخاب رئيس الحكومة الإريترية. وقد قُدمت ثلاثة أسماء للإقتراع وهي: تدلا بايرو، أبراها تسما، وصالح حنيت. وقد تم إسقاط اسم صالح حنيت لعدم استكماله السن القانونية، فبقي الاقتراع بين الاثنين. تلقى تدلا بايروا أصواتاً أكثر من أصوات أبراها، وبالتالي أصبح الرئيس التنفيذي للحكومة الإريترية. بدأت الحكومة الجديدة مهامها، وهي مهيضة الجناح، مقلصة الإمكانيات. وكان ممثل الإمبراطور يدير – بشكل غير رسمي – حكومة موازية لديها الكثير من الموارد، والدعم من الإمبراطور. ورغم كل هذه الإشكاليات، فإن حكومة تدلا بايروا كانت لديها مساحة كافية للمناورة، وفرصة لترك بصمة تاريخية مشرقة. ومن المفارقات أن هذه الحكومة المنتخبة ديمقراطياً بدأت تتجه وجهة غير ديمقراطية من خلال محاولاتها تقييد حرية التعبير، وإغلاق الصحف المستقلة، وعرقلة عمل البرلمان. استمرت هذه الحكومة لمدة 3 سنوات فقط، وسقطت بعد أن فقدت ثقة البرلمان. تم استبدال "تدلا" بـ "أسفها" من خلال تصويت برلماني. وقد اعترض القاضي علي، وكان من أشجع البرلمانيين، على انتخاب "أسفها" نظراً لكونه نائباً لممثل الإمبراطور. وقد صدقت فراسة القاضي علي، فقد كان صعود "أسفها" للحكم بداية النهاية للتجربة الديمقراطية في إريتريا.
  2. الصحافة الحرة: إن الإعلام المستقل هو العمود الفقري لأي تجربة ديمقراطية ناجحة. ومنذ الأيام الأولى لظهور التكتل الحزبي في إريتريا، أُنشئت العديد من الصحف المستقلة باللغتين العربية والتغرينية. ومن أبرزها: صوت الرابطة، و"حانتي إرترا" (بالتغرينية)، وصوت إريتريا، و"دهاي إرترا" (بالتغرينية). وظهرت في هذه الصحف مقالات لكتاب ومحررين بارزين، امثال ياسين باطوق، و"ولدأب ولدماريام"، ومحمد صالح محمود، و"إلياس تخلو". في فترة الحكم الفيدرالي، برزت صحيفتا صوت إريتريا و"دهاي إرترا" كأقوى الوسائل الإعلامية المعبرة عن تطلعات الشعب، حيث كانت تنشر مقالات تنتقد الحكومة، وتكشف انتهاكات قرارات الأمم المتحدة، وتعرض عرائض قادة كتلة الاستقلال. إنزعج الإمبراطور وعملاؤه من هاتين الصحيفتين، فاستخدما كل الوسائل المتاحة لهما لوأدهما. لكن القضاء الأرتري المستقل والبرلمانيين الشرفاء أفشلوا الكثير من هذه المحاولات. وفي نهاية المطاف، وجد الإمبراطور وعملاؤه طريقهم لإغلاق الصحيفتين، وقاموا بمحاكمة محرريها محاكمة جائرة، وأصدروا عليهم أحكامًا بالسجن تتراوح بين 3 إلى 6 سنوات. إن صوت إريتريا وما سبقها من الصحف تبقى نياشين في صدور الأحرار من أبناء إريتريا. وهي رصيد يضاف إلى الأرصدة الديمقراطية الأخرى، ومعلم من معالم حرية التعبير في إريتريا.
  3. مجتمع المدني: بجانب وسائل الإعلام المستقلة، شهدت إريتريا ظهور جماعات ناشطة ومجتمع مدني واعٍ. فظهر اتحاد العمال الإريتري، برئاسة ولداب ولد ماريام، وفيما بعد سراج عبده؛ وظهرت منظمات الشباب والتجمعات الطلابية التي لعبت دورًا مهمًا في تعزيز التجربة الديمقراطية في إريتريا. ولقد تعرض العديد من قادة ونشطاء هذه التجمعات للسجن والاعتقال والتصفية. 
الخلاصة: انتهت هذه التجربة الديمقراطية الأريترية الزاهرة مبكرًا، لا لأنها لا تتفق مع القيم الإريترية، وإنما بسبب التدخلات الخارجية، ممثلة في النظام الإقطاعي الاستبدادي للإمبراطور. وهذه التجربة التاريخية تبرز بوضوح أن القيم الديمقراطية ليست غريبة على إريتريا، وقد تقبلها الإريتريون بتلقائية عندما أصبحت متاحة لهم. لقد بذل الإريتريون مهجهم في الدفاع عن حقهم الديمقراطي، وقدموا التضحيات الجسام. والنضال الإريتري لم يكن من أجل قطعة أرض، ولكن كان بصفة أساسية من أجل أرض تسودها قيم ديمقراطية ممثلة في المساواة، وحرية التعبير، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان. ولا بد للأريتريين من إبراز هذه التجربة الديمقراطية وحكايتها للأجيال القادمة، والإبقاء عليها حية في ذاكرة الشعب، وجعلها معيارًا تقاس به أنظمتنا الاجتماعية والسياسية والقضائية في الحال والاستقبال. 

0 Comments



Leave a Reply.

  • Timeline in history
    • Timeline - Eritrea
    • TIMELINE - MANITOBA
  • Author Resources
    • Articles
    • Author Reflections
  • عربي
    • خواطر المؤلف
    • مقالات
    • محطات تاريخية إريترية